الروائي هيثم حسين: عامودا ترسم بالنسبة لي لوحة الحياة …
أرجو أن يعمّ الأمن والسلام منطقتنا والعالم بأسره. أدرك أنّ هذا حلم روائيّ أو شعريّ، لكن علينا ألّا نتشارك المستبدين والمجرمين وأد أحلامنا واغتيالها في مهدها.
حاوره: روان عكيد
أقدم تصوراتي ورؤاي بعيدًا عن أي رقابة “هيثم حسين” كاتب وروائي كردي سوريّ، من مواليد عامودا 1978، تخرّج من معهد إعداد المدرّسين قسم اللغة العربية بالحسكة 1998 ويقيم في المملكة المتحدة.
وهو عضو جمعية المؤلفين في بريطانيا، وعضو نادي القلم الإسكتلندي. يكتب زاوية أسبوعية في صحيفة العرب الدولية بلندن منذ سنوات. ومؤسّس ومدير موقع (الرواية نت).
ترجمت روايته “رهائن الخطيئة” إلى اللغة التشيكية، وصدرت في براغ عام 2016. كما تمّت ترجمت روايته “رهائن الخطيئة” إلى اللغة الكردية وصدرت في ديار بكر بتركيا سنة 2018.
ونشرت مجلة (بانيبال) اللندنية الصادرة بالإنجليزية فصول مترجمة إلى الإنجليزية من روايته “رهائن الخطيئة” ضمن ملف عن الأدب السوري في عدد 57.
س- لماذا اخترت الرواية طريق لك! وكيف؟
ج- الرواية عالم رحب، تمنحني الحرّيّة لخلق عوالمي الخاصّة، والانطلاق في فضاءاتي المتخيّلة، أختلق الشخصيات والأحداث، أرتّب الوقائع والتفاصيل، أحاول من خلالها تقديم تصوّراتي ورؤاي بعيداً عن ايّة رقابة… الرواية صنو الحرّيّة بالنسبة لي.
س- ماذا كان أول نتاج أدبي لك؟
ج- أوّل عمل منشور هو روايتي “آرام… سليل الأوجاع المكابر” سبقته بعض التجارب الشعرية التي لم ترَ النور.
س- كيف بدأت فكرته؟
الفكرة لم تبدأ كشرارة، بل كانت تتراكم لديّ بهدوء طيلة سنوات، فحين كنت في المرحلة الثانوية كنت أخطّط للكتابة، وأقرأ كثيراً من الروايات التي كانت تتاح لي، والتي كنت أستعيرها من المركز الثقافي بعامودا… أيقنت أنّ عليّ أن أكتب روايتي وأنطلق في عالم الأدب معها ومن خلالها.
س- ماهي النتاجات الأدبية لهيثم حسين حتى اليوم؟
النتاج الروائي:
- “آرام سليل الأوجاع المكابرة”، 2006
- “رهائن الخطيئة”، 2009
- “إبرة الرعب”، 2013
- “عشبة ضارّة في الفردوس”، 2017
- “قد لا يبقى أحد… أغاثا كريستي تعالي أقل لك كيف أعيش”، 2018.
النتاجات الأخرى:
- “مَن يقتل ممو…؟” (مجموعة مسرحيّات مترجمة عن الكردية للمؤلف بشير ملا)، 2007
- “الرواية بين التلغيم والتلغيز”، 2011
- “الرواية والحياة” (كتاب مرفق مع مجلة الرافد الإماراتية)، مارس 2013
- “الروائيّ يقرع طبول الحرب”، 2014
- “الشخصيّة الروائيّة… مسبار الكشف والانطلاق”، 2015
“حكاية الراية الأولى” إعداد وتقديم.
س- أي الأماكن كانت الأكثر تاثيرا في كتابتك الرواية؟
ج- في الحقيقة علاقتي بالأمكنة مضطربة، أنا كائن قلق لا أستدلّ إلى استقرار… يبقى لعامودا تأثيرها الأكبر على كتابتي وذاكرتي، وبالرغم أنّ لكلّ الأماكن التي أقمت فيها في الشرق والغرب، سواء في دمشق أو بيروت أو دبي أو القاهرة أو إسطنبول أو إدنبرة أو لندن، وغيرها من المدن التي مررت بها وسكنتها لفترات متفاوتة، حضوراً معيّناً، ينوس بين التصدّر والعبور، إلّا أنّ مدينة الذاكرة والذكريات والخيال هي عامودا ومحيطها الجغرافي.
س- متى بدأت رحلتك في الاغتراب؟ وأين كانت محطة الاستقرار؟
ج- حقيقة الاغتراب مفهوم إشكالي، كنت أحيا مغترباً في عامودا أحياناً حين كنت فيها، الاغتراب لا يرتبط بالبعد عن المكان، بل بعدم الشعور بالأمان والهدوء فيه… الاغتراب ملازم لي في حلّي وترحالي… الاستقرار حلمٌ لا غير.
س- كيف تصف لنا تأثير الاغتراب فيك من النواحي الإيجابية والسلبية كمغترب وروائي في آن معاً؟
ج- إذا تحدّثنا عن الاغتراب بمعنى البعد المكاني، والإقامة في لندن، وتجربة الهجرة واللجوء، فيمكنني القول عن الاغتراب سلاح ذو حدّين، يبقى المغترب مرتبطاً بعالمه الماضي ويسكنه بخياله، ويحاول الاندماج في عالمه الجديد الذي لا يمكن ترويضه بسهولة… الاغتراب دوّامة متجدّدة. أمّا على الصعيد الروائيّ، فأنا أشعر بمزيد من الحرّيّة بعيداً عن المساءلات والاستجوابات التي كنت أتعرّض لها حين كنت في بلدي… المفارقة أنّ الغربة ملاذ آمن لكتابتي الروائية.
س- ما هي حصة عامودا في كتاباتك!
ج- لعامودا حصتها الكبرى دوماً، فهي مدينة الخيال والذكريات والطفولة والعشق معاً… مدينة النقائض والمتناقضات التي ترسم لوحة الحياة والرواية بالنسبة لي.
س- هل الاشتياق والحنين للموطن يلعبان دوراً في تعزيز القدرة على الكتابة أم العكس بحسب رأيك؟
ج- أشتاق للبشر والأصدقاء والأهل الذين يزيّنون الأمكنة بحضورهم ووجودهم… هم يشكّلون ملامح المدن ومعالمها لي… أشتاق لموطن أتخيّله أنقى ممّا كان.
س- هلّا حدثتنا عن أهم ذكرياتك ومحطات حياتك في عامودا (حدث أو حدثين)؟
ج- المنعطف الأهمّ في حياتي هو تعرّضي لحادث حرق كاد يودي بي، وما زلت أعاني من آثاره النفسية والجسدية حتّى الآن بعد مرور عقدين عليه… كنتُ بعده كمن عاد للحياة من جديد، اكتشفت الناس والمدن والحياة من جانب آخر… أيقنت أنّ الحياة أقصر ممّا قد نتخيّل، وأنّ من العبث تضييع الوقت في أيّ صراع أو عداء، وأنّ العيش بسلام وتصالح مع الذات والآخر من أعظم الأمور، لأنّنا قد نندم على تجارب أسأنا فيها لآخرين، أو قمنا بتجريحهم بصيغة ما، لكنّنا لا نندم على السلام والخير والإحسان.
س- هل لديك نتاجات جديدة في طريقها للنور؟
ج- هناك عمل ما زلت أعمل عليه، ويحتاج لبعض الوقت مني.
س- كلمة أخيرة تود توجيهها عبر هذا اللقاء؟
أرجو أن يعمّ الأمن والسلام منطقتنا والعالم بأسره. أدرك أنّ هذا حلم روائيّ أو شعريّ، لكن علينا ألّا نتشارك المستبدين والمجرمين وأد أحلامنا واغتيالها في مهدها.
المصدر : Sema Kurd